MENU





 

.

.

سذاجة .. حكومة .. ثمنها بالغ الفداحة
عبد الحميد قريطم23/6/2009

.

.

جلست امام التليفزيون اتابع برنامجا للاستاذ : احمد المسلماني: ذاك الذي يختار فيه اخباراً هامة تنشرها الصحف. فيقدمها هو للمشاهدين..حتي يجعلهم علي إلمام تام بما يحدث في بلادهم .

وبينما أنا أنصت اليه ملياّ .. فجرّ صاحبنا زلزالاً داهماً عصف بكل كياني..ولو كنت واقفاً علي قدمي ساعتها ... لما تحملت قدماي اثر تلك الصدمة فخارتا بجسدي حتي اسقطته علي الارض مغشياً عليه !!!!.

.

فما ذلكم الحدث الدامي الذي طرحه احمد المسلماني في برنامجه ليقع لي بسببه ماوقع ؟!!دعني- ايها القاريء - أسوقه إليك باختصار شديد. وبلا اخلال..لكني في البداية اطلب إليك امراً.. وهو..ان تضع في فمك عدداً وافراً من اقراص مهدئة ... تعينك علي ان تتحمل ضراوة ما ستقرؤه من احداث تخص وطنناً العزيز !! " اكسيد "

مؤسسة دولية انشأها البنك الدولي عام 1966 بناء علي معاهدة متعددة الاطراف للنظر في المنازعات التي تنشب عادة بين الحكومات في دول العالم والمستثمرين الاجانب وشركاتهم .

 فـ" اكسيد " هذه إذن .. هي القاضي الذي يحكم في الخلافات..فان اصدرت الحكم .. فلا استئناف فيه . وعلي من حكم عليه بالتعويض ان يقدمه الي الطرف الآخر في ظرف شهر من تاريخ إعلان الحكم.. فاذا احجم عن التنفيذ.اوقع البنك الدولي عليه عقوبات دولية.. وغالباً لا يجرؤ احد علي مخالفة هذه الاحكام ابداً.. فليس في مقدور احد مواجهة العقوبات الدولية. ومن اطرف التعويضات وافدحها والتي فرضت علي وزارة السياحة في مصر في عهد الوزير فؤاد سلطان .ان مصر دفعت تعويضاً لعدد محدود من السائحين مقداره 70 مليون دولار في التسعينايت ولمَ ؟! لأن هذا العدد الضئيل تضّرر من امور ابان اقامتهم في احد الفنادق المصرية .. ياسلام .. فأي مصائب تلك.. واي كوارث.. واي ايلاميات اوقعها هذا الفندق علي هذا العدد المحدود من السياح .. يساوي تعويضاً بهذا القدر الفادح من الملايين ؟!!!

ثم...اين كان المسئولون في حكومتنا يومها .. وقد تسبّبوا في تلك الكارثة المالية؟!!..فهل تراهم حوكموا فصدرت عليهم احكام؟!!..ام تركوا يعيثون في مال مصر فسادًا ؟!!!...

ذاك ....مافشلت في معرفته !!!!

ان شركات العالم غير الجادة ... هدفها الاوحد لكي تحصل علي صفقة مالية مجانية من الحكومات المغيبّة عن الوعي من دول العالم الثالث .. ان تورط هذه الحكومات في التوقيع علي عقود معها .

ومن البديهي ان تلك الشركات تعلم سلفاً ان هذه الحكومات ستتراجع عن تنفيذ العقود معها اذ انكشاف امرها لهذه الحكومات امر حتمي.. فعنئذ تسرع الشركات برفع قضية امام " اكسيد " مطالبة بالتعويض عن فسخ الحكومة تعاقدها معها ..

ولان عمدة نجاح هذه الشركات في الحصول علي التعويضات .. هو فسخ الحكومة للتعاقد ... فتعمل الشركات علي استدراج الحكومات الي التوقيع علي العقود ثم فسخها ... فتضمن الشركات بهذا .. ايقاع التعويض علي الحكومة . والحكومة خلال هذا .. ليس امامها الا ان تدفع !!!!

تلك هي لعبة النصب . والذي لم يفطن اليها المسئولون المغيّبون من وزرائنا .. فتتحمل مصر - ياويلتاه - بسببهم اموالاً طائلة .. تُسفح بلا طائل !!!

وقضيتنا التي نحن بصدد الحديث عنها اليوم .. هي قضية انشاء "مطار رأس سدر "

ففي هذه الايام يعرض امام " اكسيد " قضية تعويض تخص مناقصة فازت بها شركة انجليزية تسمي " مالي كروب " للقيام بانشاء مطار رأس سدر

لكن بعد فوز هذه الشركة بالمناقصة .. تراجعت الحكومة المصرية عن إنفاذ التعاقد .ولم ؟!! .. لان المسئولين المصريين الاشاوس.. قد اكتشفوا - وبعد التوقيع - ان المعلومات التي تقدمت بها الشركة اليهم .. في ان رأس مالها هو 100 مليون جنيه استرليني.. ثبت انها معلومات غير حقيقية !!

فقد اكتشف الاشاوس من المسئولين لدينا هذه المعلومات بعد التوقيع .. فسادتنا هؤلاء .. لم يكلفوا أنفسهم مشقة. ومتاعب إجراء تحريات عن الشركة قبل توقيعهم علي العقود ... ذلكم التوقيع الذي يعرفون هم سلفاً.. انه عمدة قضايا التعويض.. فإن تراجعوا عنه لأي .. أي .. سبب.. فيكون المسئولون بهذا .. قد نجحوا في ايقاع مصر في فخ التعويضات. وتصبح استهانتهم بعملهم .. وعدم جديتّهم فيه .. أداة تيسير للشركة الانجليزية النصابة. لترفع علي مصر أمام منظمة "أكسيد" قضية تعويض نسبة فوزهم فيها 100٪ !!!

وقد يسأل سائل: ولمَ ألغت حكومتنا الرشيده عقودها مع هذه الشركة الانجليزية؟!!.. الأجل أن رأس مالها يقلّ قليلا عن الـ100 مليون أسترليني التي أعلنت هي عنه ؟!!! .

لا ... فليس هذا ما كشف عنه المستور .. بل ما كشف عنه المستور.. هو أن رأس مال شركة "مالي كروب" انجليزية الجنسية. والتي تقدمت لإنشاء مطار "رأس سدر" رأس مالها ]وتجلدّ ايها القارئ .. تجلدّ [.. رأس مالها "2جنيه استرليني" نعم .. نعم .. 2 جنية استرليني .. أي ما يعادل تكلفة توثيق أوراق شركة في مؤسسة حكومية في بلادهم .. بما يسمي عندنا .. الشهر العقاري .. حتي تبدو الشركة بأوراقها الممهورة بخاتم رسمي .. أوراقا لها حيثية .. فيتقدم بها النصابون في المناقصات الدوليه فيؤخذ بها !!! جنيهان استرلينيان .. هما رأس مال الشركة التي نجحت في ان تضحك علي ذقون أشاوسنا المسئولين يومها .. فتستدرجهم الي التوقيع علي العقود .. ليتمكنوا بعدها من رفع قضية تعويض يكسبونها . ويحصلوا علي ملايين من البلهاء إياهم !!! .

ويا عزيزي القارئ ... هل أغمي عليك ؟!!!

والسؤال الذي يلحّ في النوارد: وكم طلبت الشركة إياها تعويضا من الحكومة المصرية؟!!

508 ملايين جنيه مصري.. تعويضا لشركة انجليزية نصابة.. رأس مالها جنيهان بالعملة الانجليزية.. أي هوس.. وعبط.. وسذاجة.. وبلاهة.. تلك.. تصدر عن هؤلاء ممن استوزرناهم .. ورفعتهم بلادهم الي سدة الحكم وزراء.. الشأن فيهم ان يحافظوا علي اموالها .. فاغترفوا من هذا المال بسفه لايجاريه فيهم احد.. فمنحوه للنصابين !!!

فحسبنا الله ونعم الوكيل !!!

أيها القارئ .. أما زال التجلدّ آخذا بناصيتك؟!!... حسنا.. حسنا.. فخذ هذه أيضا .. واخيرا ً.

فقد اكتشف بعض المسئولين المصريين حقيقة الشركة إياها .. وذلك قبل التوقيع علي العقود . فرفض بعض هؤلاء المسئولين التوقيع .. فأسرع أصحاب الشركة إياها.. الي احد المسئولين الذي بيده ان يأمر فيطاع .. يطلبون منه ان يطلب الي من رفضوا التوقيع.. ان يوقعوا.. فأمر صاحبنا.. ووقعت العقود!!!..

والسؤال: وهل انتهي الكلام؟!! .

وأقول لا .. بل قل ... وابتدأت ضراوة المأساة

.

.