MENU





 

.

.

صَـفـْحَة ٌ أدَبيـــَّــــة

.

.

الأديب والشاعر الشركسي إبراهيم تسي من خزائن

تراثنــا الأدبي

كلمة افتتاحية :

.

وبالرغم من أن بوشكين لم يعش أكثر من 36 عامًا، فإنه قد ترك الكثير من الآثار الأدبية؛ لدرجة أن قراءه يشعرون أنه قد عمَّر كثيرًا.. اعتبر عصر بوشكين هو العصر الذهبي للشعر الروسي، وهو عصر التقارب بين الأدب الروسي من جهة والآداب العربية والشرقية من جهة أخرى

وعُرف العهد الذي عاش فيه بوشكين بالاستبداد الاجتماعي؛ فكانت السلطات مركزة بين القيصر والنبلاء، وكان بوشكين الذي انحدر من أسرة نبيلة يعبر عن انحلال وسطه، ويطالب بحرية الشعب، بوصفه المرجع الأول والأخير للسلطة، وكان أول من دعا إلى الحد من سيادة النبلاء في روسيا، وكان ناقما على مجتمعه مطالبًا بتقييد الحكم القيصري وإعلاء شأن النظام الديمقراطي بين الناس.. ولكن ما يؤخذ عليه أنه حصر بعض آماله في الحصول على بعض الحريات السياسية والثقافية
تأثر في بدء طلعته بالأدب الفرنسي، ولكنه ما إن نضج واحتك بالمجتمع حتى اتجه صوب الأدب الإنجليزي، وتأثر باتجاه بيرون وشكسبير الذي نحا نحوه في مسرحياته مع احتفاظه بالطابع الروسي

ومن الجدير بالذكر أنه قد زار القرم والقوقاز وتأثر بالمحيط الإسلامي، وكتب بعض القصائد التي تشير إلى هذا التأثير: "الأسير القوقازي" و"القوقاز"، و"الليالي المصرية" التي لم يكمل كتابتها، وفي أثناء هذه الزيارة اهتم بتعلم اللغة العربية
النشأة والمؤثرات

ولد بوشكين في موسكو في السادس والعشرين من شهر مايو عام 1799.. نشأ في أسرة من النبلاء كانت تعيش حياة الترف واللهو، تاركة أمر الاعتناء بالطفل بوشكين إلى الخدم والمربين والجامب الذين كانوا عرضة للتغيير دائمًا، إلى جانب عدم إتقانهم الغة الروسية إتقانًا تامًّا، وكان أبوه شاعرًا بارزًا في ذلك الوقت؛ فساعد ذلك على ظهور موهبته الشعرية مبكرًا، بالإضافة إلى ذكائه وذاكرته الخارقة
ترجع الجذور التاريخية لـ "بوشكين" إلى أصل حبشي (إفريقي)؛ فأمه "ناديشد أوسيبافنا" كانت حفيدة "إبراهيم جانيبال" الجد الأكبر لبوشكين، والذي كان من الضباط المقربين لدى القيصر "بطرس الأول"، وليس من الغريب أن يرث بوشكين بعض الملامح الإفريقية؛ فكان أجعد الشعر غليظ الشفتين بارز الصدغين
ونتيجة لتأثره بتاريخ جده إبراهيم جانيبال، فقد خصص رواية كاملة بعنوان "عبد بطرس العظيم" يحكي فيها قصة هذا الجد الذي تم إهداؤه إلى القيصر بطرس الأول، وأصبح من المقربين إليه، وتعد هذه الرواية من أعظم الروايات التاريخية الواقعية في تاريخ الأدب الروسي
تلقى بوشكين تعليمه في معهد النبلاء للتعليم الثانوي والعالي معا، ومدة الدراسة به ست سنوات، وقد أنشأ هذا المعهد "ألكسندر الأول" لتجهيز شباب الأسر الروسية العريقة لتولي المناصب الهامة في دائرة الحكومة القيصرية مستقبلا

من المعروف أن بوشكين في حياته الدراسية التفت حوله حلقة من عشاق الأدب والمفكرين والشعراء، وقد لاحظ الكثير من أساتذته موهبته العالية في نظم الشعر، وتميزت أحاسيسه بالقوة، وكان محبا وعطوفا على عامة الشعب
وحدثت بعض الوقائع التاريخية في أثناء دراسة بوشكين بالمعهد، وهى: مساهمة روسيا في السياسية الأوربية، وغزو نابليون لروسيا، وحرق موسكو، وزحف الجيوش الروسية على أوربا، وسقوط باريس، والقبض على نابليون ونفيه.. كل ذلك دفع بوشكين إلى المطالبة بالحرية في روسيا

أثرت سنوات دراسة بوشكين في تعزيز نزعته الأدبية والسياسية، كما كتب العديد من القصائد الشعرية في أثناء دراسته بالمعهد، مثل: "أمنية " و"العلم" و"رسالة إلى بودين". وبعد أن تخرج من المعهد أُسندت إليه وظيفة في وزارة الخارجية الروسية، وما تكاد ساعات العمل تنتهي حتى يفر إلى مجتمعات "بطرسيبورج" فيرتاد أنديتها الأدبية والعلمية
 
عرف عن بوشكين حبه للتجديد في شعره الذي كان يهدف من خلاله إلى إلغاء القيصرية، والقضاء على حق استرقاق الفلاحين
مذاهبه في الحياة والأدب

كتب بوشكين الكثير من المؤلفات التي عبّرت عن الحياة الثقافية والاجتماعية لروسيا في ذلك الوقت، مثل: "المصباح الأخضر"، و"إرزاماس".. انعكس حبه للحرية والعدالة في كتاباته، مثل: "إلى تشاداييف"، و"حكايات"، و"القرية"، كما كتب العديد من القصائد الشعرية، مثل: "الأسير القوقازي"، و"الأخوة الأشرار"، و"النور

كان بوشكين متحمسًا للاتجاه العاطفي الرومانتيكي؛ لأنه كان يعتبره منافيًا لسائر الأساليب التي يقوم عليها الأدب الكلاسيكي المزيف، وكذلك فإنه يعطي للكاتب حق التصرف بالفكرة الموضوعة، ولكنه ما لبث بعد فترة أن غير اتجاهه إلى الواقعية، وألَّف بعض الأعمال التي عبّرت عنها فجاءت من صميم الحياة. وقدم بوشكين للقارئ من خلال أعماله صورًا من حياة أشراف روسيا، ونمط معيشتهم، وما اتسمت به الطبيعة الروسية
أراد بوشكين إحداث تغيير جوهري في المسرحيات الروسية وانقلابًا في المسرح الروسي كله؛ فاتجه إلى شكسبير، ووجد في مسرحياته الانطلاق، والإخلاص، والحقائق، والأهداف السامية، ورأى أن المسرح الروسي يتلاءم ومسرحيات شكسبير الشعبية في ذلك الوقت

في نوفمبر عام 1852 توفي "ألكسندر الأول" فجأة، وتولى "قسطنطين" الحكم، الذي تخلى عنه لأخيه نيقولا
لم يكد "نيقولا" يعتلي العرش حتى هبت ثورة "الديسمبرين" في 14 ديسمبر عام 1825، والتي تعد أول حركة ديمقراطية منظمة في روسيا، وكان بوشكين منحازا للديسمبرين، ونتج عن هذه الثورة قتل بعض زعمائها ونفي آخرين إلى مجاهل سيبريا
لم يستطع القيصر نيقولا أن يجد في مؤلفات بوشكين ما يشير إليه أو إلى سياسته فنقله من قرية "ميخايلوفسك" إلى موسكو،

مستخدمًا معه أسلوب اللين والمراوغة
أراد القيصر أن يجعل بوشكين شاعر البلاط، ويتغنى بالسلطات الرسمية خالعًا عليها كل آيات الثناء والتمجيد، وقد استطاع بوشكين بذكاء وحيلة التقرب من القيصر بالرغم من انتقاده له ولسياسته، ونتيجة لهذه العلاقة وجهت لبوشكين تهمة الخيانة
وفي عام 1831 تزوج بوشكين من أجمل فتيات روسيا "نتاليا نيقولا لايفنا جونتشاروفا"، وأنجب منها 4 أبناء، وقبل وفاة بوشكين كان مضطهدا من القيصر الذي كان يضايقه دائما؛ إما بنقله من مدينة لأخرى، أو إعطائه بعض الوظائف التي لا تليق بمكانته

توفي بوشكين مقتولا في مبارزة له مع أحد النبلاء الفرنسيين، والذي كان يدعى "دانتس"؛ دفاعا عن شرفه في وجه الشائعات التي أشيعت حول علاقة زوجته "نتاليا" بهذا الشاب الفرنسي، وكانت زوجته بريئة منها.. حدث له هذا عام 1837 عن عمر يناهز 36 عاما
مؤلفاته

اهتم بوشكين بتراخي الشعب الروسي وقضاياه؛ سواء كانت اجتماعية سياسة أو تاريخية، وظهر ذلك بوضوح في مسرحيته التاريخية التراجيدية "بوديس جودونوف" التي توخى فيها الدقة التاريخية والتحقق من صحة الأحداث، وكان موضوعها الشعب والسلطة.. أراد بوشكين أن يقول من خلالها إن السلطة لن تكون مهيبة إن لم تعتمد على الرأي العام

كما كتب روايته الشعرية الشهيرة "الغجر"، والتي ظل عاكفا عليها لمدة سنتين، وكتب قصة "الأمية القائدة"، والرواية الشعرية "الفارس النحاسي" التي استوحاها من تمثال بطرس الأكبر، القائد بساحة مجلس الشيوخ في "بطرسبورج
وكان بوشكين من أشد المعجبين بهذا القيصر، وكتب الكثير من المؤلفات عنه
وتعد رواية "دوبرفسكي"، التي تحكي عن شاب هارب من إحدى طبقات النبلاء، أعظم ما كتب في تاريخ الأدب الروسي؛ فمن خلالها رسم بوشكين صورة للحياة الروسية في بداية القرن التاسع عشر، وما كان سائدا من استبداد النبلاء واسترقاق الفلاحين في ذلك الوقت

تحدث عن الطبيعة، والحب، والصداقة، ووطنية الشعب الروسي في كثير من أشعاره، مثل: "إلى البحر"، و"أحبك"، و" الخريف في بولدينة
أما رواية "أوجين" أو "نيجين" فتعتبر أول رواية شعرية واقعية في تاريخ الأدب الروسي، وقد حصلت على لقب "كتب الأديب يونس تشايقو : إن من أوائل من دخل رياض الأدب من أفراد شعبنا الشركسي هو الكاتب ، والشاعر الأديغي المشهور إبراهيم تسي ، وفي زمن موغل في القدم ، وعرف بشدة ظلمته ، وبصمته ، وسكونه . إن القصتين اللتين أبدعتهما موهبته الفنية في أوائل القرن الماضي ، وقبل قيام الثورة الإشتراكية ، ولو أنه لم يبدع سواهما لكانتا قد كفته لأن نعده الكاتب الذي كلما ذكرناه نزعنا عن رؤسنا قبعاتنا احتراما ، وتقديرا له ، واعجابا به . لقد كتب سنة ثلاث عشرة وتسع مئة وألف قصة " المثقف المزيف " ، وفي سنة أربع عشرة وتسعمئة وألف ألـَّـفَ قصة " السيَّارة " . ومحمد خواج ، هو من كان قد كتب ذلك باللغة الروسية ، وهو من المثقفين الذين اتسموا بصدقهم وإخلاصهم في العمل الكتابي في عشرينات القرن الماضي ، وكان من رفاقه وزملائه في العمل الكاتب سفر بي سيخو الذي كانت تتلألؤ في ذاكرته ، ومخيلته صورة إبراهيم تسي ، وعلى هذا النحو : إن مافيك من حب للمرح والمزاح ، وماتنجزه من أعمال اجتماعية عظيمة ، ولوقوفك وبقوة ضد الإرستقراطيين ، والبورجوازيين الذين خانوا شعبهم الشركسي ، ولإدانتك لهم ، فإننا نعتبرك الرجل الحقيقي لعصرك ، وزمانك . ووصفه الأديب الشركسي يونس تشايقو ، بقوله : أنه كان إنسانا بسيطا ، ومحبا للحياة ، غادر الدنيا ، وفي وقت مبكر ، وهو مسالم ، وممن ليس له أعداء أيام السلم والرخاء ، لكنه في أوقات الحرب ، والصدام جسور ، وشجاع ، ومقدام ، ويتمتع بقدرات وخبرات ، وطاقات مختلفة ومتنوعة ، ويذكره بشوق وود الشاعر الروسي المشهور كورنيّ جوكوفسكي الذي كتب أشعارا للأطفال فيقول: لقد ظلت ذكراه الجميلة حية في قلبي ، فقد أحب وطنه حبا جما ، وعظيما ، وكان من حماته الحقيقيين ، كما كان كاتبا فريدا ، وموهوبا . عرف الأديب إبراهيم تسي باتقانه لعدة لغات ، فقد كتب بلغته الشركسية ، والروسية ، والأوكرانية ، وفي الأيام الأخيرة من حياته رسمت ريشته أحيانا كتابات باللغة الغجرية . لكن موهبته ، ومهارته الفنية برزت ، وتجلت وبوضوح في أعماله الأدبية التي صدرت باللغتين الشركسية والروسية . أصدرت المطبعة الشركسية أعماله المختارة مجموعة في كتاب واحد باللغة الروسية ، وقام بإعداده وتنظيمه البروفيسور أبو بكر شحلاخو ، وكتب أيضا مقدمة الكتاب . احتوى بين دفتيه على رواية " الحاج حتسوك " ، وقصصا، وحكايات طريفة ، ومقالات ، وبعضا من مسرحياته ، وكتاباته في القضايا الإجتماعية والسياسية . ومن المقدمة اخترت هذه العبارة : لقد كان ابراهيم تسي العامل الدؤوب الذي لايعرف الكلل ، ولا الملل في خدمة الثقافة القومية والوطنية ، وليس هذا فحسب بل أصبح فيما بعد رائدا للأدب الشركسي الحديث ، وصاحب خبرة ، وامتاز بمهنية عالية في إرساء قواعد الفن المسرحي الشركسي .

ــ نشر له في هذ ا العدد قصيدة بشز ( الكوبان ) ، وقصيدة أنا جاد ٌّ في الأمر ، ودُرَّاعة طـُـرِخُ ، وقصة والله هو مثقف مزيف ، وقد ترجمت لكم هذه الأسطر الشعرية ، وهي مما نشر له في هذا العدد من جريدتنا الأديغة ماق .

ــ ــ ــ

إن َّ ما قدَّمتـَه ُ

لثورة أكتوبر

وما تجشمته ُ . من مسؤوليات جسام

وآلام عظام

من أجل

جميع الكادحين

يدخل إلى قلبي

أنوار الفرحة والسرور

ــ ـــ ـــ

والمدرسة ..... التي قرأتَ فيها

الحروف الأبجدية

وأرتك أنوار الدنيا

أعبِّر لها اليوم

عن فرحتي العظمى

ونشوتي الكبرى

والثورة الجديدة

التي سقتك َ

الماء العذبَ الصافي

سأكون لها

قربانا .. وفداء.... وضحية




*




ــ الكاتب الصحفي : يونس تشايقو

ــ الترجمة إلى العربية : محمد ماهر إسلام .
الحياة الروسية"؛ حيث يظهر فيها أمام القارئ جميع طبقات المجتمع الروسي في ذلك الوقت
آراؤه في الفن

يرى بوشكين أن هناك رابطة بين الشعر والمجتمع وبين الفن والتعليم، كذلك يرى أن الفن يجب أن يكشف عن حقيقة الحياة، وأن يمتلك علاقة عميقة بإبداع الشعب، بل وأن يكون له طابع وطني

تميزت كتاباته بالواقعية؛ فكان أول من دعا إلى المذهب الواقعي في الأدب الروسي الذي يقوم على وقائع الحياة البشرية، وصور جميع المجتمع الروسي من فلاحين، وأشراف، وصناع، وحرفيين، وأعيان نبلاء

نتيجة لاطلاعه على الحقائق الروسية التاريخية، وتعرفه على مختلف نواحي الحياة في بلاده ومعرفته لتاريخها، وتتبعه للعلاقات بين طبقات الشعب.. كل هذا أتى بثماره في تبلور نزعته الواقعية في الأدب والشعر

.

.